يأتي هذا المقال ضمن نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق "المعلومات"، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع "مجتمع التحقّق العربي"، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
في الأسبوع الثاني من أبريل/نيسان 2025، تصاعدت وتيرة الغارات الجوية الأمريكية على اليمن بشكل غير مسبوق، حيث شُنّت أكثر من عشر غارات ليلية استهدفت محافظات واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وذلك رداً على تكرار استهداف الحوثيين للسفن الأمريكية وغيرها من السفن التي تعبر البحر الأحمر. وقد رافق هذه الضربات تداول واسع لمعلومات ومقاطع فيديو مضللة تزعم وقوع عمليات عسكرية بين الطرفين، وهو ما خضع للتحقق من قبل منصات عربية متخصصة في تدقيق المعلومات.
هل أصابت الصواريخ الحوثية السفن الأمريكية بخسائر فادحة؟
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُزعم أنه يوثق لحظة إطلاق جماعة الحوثي صواريخ باتجاه حاملة طائرات أمريكية وعدد من القطع البحرية التابعة لها في البحر.
تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُزعم أنه يوثق لحظة إطلاق جماعة الحوثي صواريخ باتجاه حاملة طائرات أمريكية وعدد من القطع البحرية التابعة لها في البحر.
دققت منصة "صدق" اليمنية المتخصصة في تدقيق المعلومات في الفيديو، وتوصلت عبر البحث العكسي عن مصدره، إلى أنه نشر لأول مرة في 10 تموز/يوليو 2024، ويظهر تحليق صاروخين روسيين من طراز "كاليير" فوق بحر قزوين، باتجاه أهداف أوكرانية.
كما أوضحت منصة "يوب يوب" اليمنية المتخصصة في تدقيق المعلومات أن مروجي الادعاء أجروا جروا دبلجة عليه، وأضافوا مؤثرات صوتية خارجية للإيحاء بأن التسجيل يعود لهجوم نُفّذ من داخل اليمن.
كما تداولت حسابات يمنية على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قيل إنها لثقب في سفينة "ترومان"، عقب استهداف الحوثيين لها، وأنها أصبحت خارج الخدمة.
كما تداولت حسابات يمنية على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قيل إنها لثقب في سفينة "ترومان"، عقب استهداف الحوثيين لها، وأنها أصبحت خارج الخدمة.
تحققت منصة "مسند للتحقق من الأخبار" من الصورة، عبر إجراء بحث عكسي قاد إلى أنها قديمة، وتعود إلى عام 2000. والتقطت هذه الصورة للسفينة "يو إس إس كول"، عقب استهداف القاعدة لها، ما تسبب في إحداث أضرار جسيمة في هيكلها.
تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو زُعم أنه يُظهر حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" خلال عمليات صيانة، مدعيةً أن المقطع دليل على تعرضها لهجمات في البحر الأحمر يجري التستر عليها.
أجرت منصة "يوب يوب" تدقيقاً للفيديو، وتوصلت إلى أن المقطع يظهر حاملة طائرات يتم بناؤها في فرجينيا، ولا علاقة له بحاملات الطائرات الأمريكية الموجودة في مياه البحر الأحمر.
أعلنت جماعة الحوثيين أخيراً تنفيذ سلاح الجو التابع لها عملية عسكرية استهدفت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" والقطع البحرية المرافقة لها شمالي البحر الأحمر، باستخدام صاروخين مجنحين وطائرتين مسيّرتين.
ويأتي تداول هذه المعلومات عن السفن الحربية الأمريكية امتداداً لسلسلة من الأخبار المضللة التي انتشرت منذ الأسبوع الماضي، من أبرزها الادعاء بوصول حاملة الطائرات الأمريكية "فنسون" وانضمامها إلى "ترومان"، وهو ما فسّره مروّجو هذه المزاعم بأنه تعزيز للحضور العسكري الأمريكي في البحر الأحمر نتيجة استخدام الحوثيين لأسلحة متطورة، وهي رواية نفت صحتها منصة "حقيقة" اليمنية.
الغارات على الحديدة
نفذ الطيران الأمريكي 13 غارة استهدفت ميناء الحديدة ومطارها، ليلة يوم 19 نيسان/أبريل 2025. وعقب هذا الهجوم انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، ادعى ناشروه أنه يوثق إحدى هذه الغارات.
أجرت منصة "صدق" اليمنية بحثاً عكسياً عن الفيديو، وتوصلت إلى أنه مضلل، إذ يعود تاريخ التقاطه إلى تشرين الأول/أكتوبر 2024، عندما استهدف الجيش الإسرائيلي خيام النازحين في باحة مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، وسط قطاع غزة.
كما تداولت حسابات على منصة "إكس" مقطع فيديو يُزعم أنه يوثق لحظة قصف شنته مقاتلات أمريكية على ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة.
وكشفت منصة "مسند للتحقق من الأخبار" أن الفيديو قديم، والتقط في 17 آذار/مارس 2025، عندما استهدفت ضربات جوية أمريكية موقعاً عسكرياً تابعاً لجماعة الحوثي في محافظة الجوف، ولا علاقة له بالضربات الأمريكية التي استهدفت الحديدة.
كما تداولت حسابات يمنية على منصات التواصل الاجتماعي فيديو مصحوباً بادعاء أنه يوثق قصف أمريكي لـ "معسكر المجد" بمحافظة البيضاء، ضمن استهدافها مواقع تخضع لسيطرة جماعة الحوثي.
وباستخدام البحث العكسي، توصلت منصة "مسند" إلى أن المقطع قديم، ويعود تاريخ تسجيله إلى 20 نيسان/أبريل 2015، ويوثق قصف نفذته قوات التحالف العربي على مواقع جماعة الحوثي في محافظة صنعاء.
"الغارات على صنعاء والحشد ضد الحوثيين"
إلى جانب تداول مقاطع من محافظات مختلفة تخضع للحوثيين، نشرت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو مدعية أنه يظهر انفجاراً عنيفاً إثر قصف الطائرات الأمريكية مواقع حوثية في صنعاء.
تحققت منصة "يوب يوب" من الادعاء، إذ أسفر تدقيق المقطع عن أنه قديم، ويوثق انفجاراً وقع في محطة المفرز لتعبئة الغاز بمنطقة صرف شرقي صنعاء في أيلول/سبتمبر 2023، ولا علاقة له بالغارات الأمريكية الأخيرة على صنعاء.
كما تداولت حسابات على منصة "إكس" مقطع فيديو بزعم أنه يظهر أصوات طائرات حربية أثار الذعر في صنعاء.
وكشفت منصة "مسند" أن المقطع متلاعب به عبر تركيب صوت الطائرات، في حين أن المقطع الحقيقي لا يحتوي هكذا أصوات، كما يعود تاريخ نشر المقطع الأصلي إلى 28 آذار/مارس 2025.
وإثر العمليات العسكرية الأمريكية، ادعت حسابات على منصة "إكس" أن الجيش اليمني يحتشد عسكرياً لاستعادة محافظات خاضعة للحوثيين.
وإثر العمليات العسكرية الأمريكية، ادعت حسابات على منصة "إكس" أن الجيش اليمني يحتشد عسكرياً لاستعادة محافظات خاضعة للحوثيين.
ويُظهر مقطع الفيديو المتداول حشداً عسكرياً، زعم مروّجو المقطع أنه يوثّق لحظة وصول تعزيزات إلى محافظة مأرب، استعداداً للمشاركة في ما سموه 'معركة استعادة الدولة من قبضة جماعة الحوثي.
تحققت "مسند" من صحة الفيديو المتداول باستخدام أدوات بحث عكسي، وتبين أن المقطع يعود إلى تاريخ 26 أيلول/سبتمبر 2022، وهو لعرض عسكري أقيم في مأرب بمناسبة ثورة 26 سبتمبر، وليس لوصول تعزيزات عسكرية حديثة إلى المحافظة، كما ادعت الحسابات المروجة للفيديو.