مجتمع التحقق العربي هو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها

ليسوا من "اتحاد القبائل" وليسوا تابعين للعرجاني فيديو المدنيين داخل المدرعة العسكرية يعود إلى "أبناء مجاهدي سيناء" إحدى المجموعات المسلحة المتعاونة مع الجيش

ليسوا من "اتحاد القبائل" وليسوا تابعين للعرجاني
فيديو المدنيين داخل المدرعة العسكرية يعود 
إلى "أبناء مجاهدي سيناء"
 إحدى المجموعات المسلحة المتعاونة مع الجيش
Saheeh Masr

الكاتب

Saheeh Masr
nan

الإدعاء

خلال الأيام الماضية انتشر مقطع فيديو لأشخاص يرتدون ملابس مدنية داخل مركبة عسكرية مُصفّحة، وادعى ناشروا الفيديو إن هؤلاء الأشخاص الظاهرين في الفيديو من المجموعات المسلحة التي يقودها رجل الأعمال السيناوي إبراهيم العرجاني، تحت اسم "اتحاد قبائل سيناء"، وأن المركبة المصفحة هي آلية عسكرية. ولكن بعد فحص العناصر الموجودة في الفيديو والبحث العكسي والتحدث إلى مصادر في سيناء، يكشف صحيح مصر أن هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى مجموعة أخرى من المجموعات المسلحة المتعاونة مع الجيش وهي مجموعة "أبناء مجاهدي سيناء"، وليسوا تابعين لرجال الأعمال السيناوي المعروف، إبراهيم العرجاني، ولا يعملون تحت لواء "اتحاد قبائل سيناء" التابع له.

دحض الإدعاء

كيف تحققنا من ذلك؟ حظي الفيديو بانتشار وتفاعل كبير خصوصًا على منصة إكس، وأثار تساؤلات حول المركبة المصفحة وما إذا كانت عسكرية أم لا، وحول هوية الأشخاص الظاهرين في الفيديو، خاصة أنّ بعض المعلقين كذبوا أن يكون الفيديو من مصر فضلًا عن أن يكون لمجموعات مسلحة غير نظامية في مصر. ما هو نوع المركبة المصفحة؟ ** أظهر البحث العكسي أن المركبة بالفعل آلية عسكرية مدرعة، وهي من نوع هامفي (HMMWV)، وتنتجه شركة AM General الأمريكية، وتحديدًا موديل M1114، والذي بدأ إنتاجه منتصف التسعينات، وزاد الطلب عليه منذ 2003 بعد أن ظهرت قدراته العسكرية في الغزو الأمريكي للعراق. (صورة 1) = كانت مصر من أوائل الدول في المنطقة التي تحصل على هذه المدرعة، إذ حصلت على نحو 100 مركبة من نفس الطراز خلال عام 2003/2004. كما ورد اسم مصر في قائمة المستفيدين الأجانب من مركبة HMMWV في دليل أسلحة الجيش الأمريكية في عامي 2011 و2020/2021. = ورغم أن الجيش المصري استبدل كثيرًا من هذه المدرعات بمركبات تكتيكية أخرى من بينها "تمساح-3" محلية الصنع المبنية على هيكل HMMWV؛ إلا أنّ هذه المدرعة لا تزال تخدم في الجيش المصري، إذ ظهرت في عرض اصطفاف تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة في 25 أكتوبر 2023 ضمن أسلحة قيادة الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميداني، كما ظهرت في تنفيذ تدريب تكتيكي لإحدى وحدات الجيش الثاني الميداني في 23 مايو 2024. = كما استخدمت هذه المدرعة من هذا الموديل تحديدًا، على نطاق واسع في الحرب على الإرهاب في سيناء، إذ ظهرت أكثر من مرة في البيانات المصورة والفيديوهات التي تنشرها وزارة الدفاع عن العمليات العسكرية ضد الإرهاب في سيناء منذ 2015. ** من صور ونشر الفيديو لأول مرة؟ = يظهر على الفيديو المتداول لوجو منصة تيك توك وكذلك اسم الحساب الذي نشر الفيديو وهو "@muhamadmuhamad882". = لم نعثر على الفيديو في الحساب المذكور، لكننا نرجّح أنه قد تم حذفه، وهناك دليلان يؤكدان أن الفيديو يعود لنفس الشخص صاحب الحساب، وهما: 1- تطابق صوت المُصوّر في الفيديو المتداول مع صوت صاحب الحساب، والذي يمكن سماعه في كل الفيديوهات سواءً التي يظهر فيها بوجهه أو التي يكون فيها خلف الكاميرا، بالإضافة إلى أن اسمه الذي عرفناه من الفيديو حيث ناداه سائق المدرعة بـ"حاج حمودة"، وهو يتطابق مع اسم صاحب الحساب والذي يمكن سماعه مكررًا في الفيديوهات الأخرى، فضلًا عن التعليقات من أشخاص يحيّون "أبو عبدالله". 2- بالبحث المتعمق في حساب حمودة وجدنا فيديو نُشر في 26 أكتوبر 2023، يظهر فيه ثلاثة من الذين كانوا يستقلون المدرعة، وهم يرتدون نفس الملابس التي كانوا يرتدونها في فيديو المدرعة. كما يمكن ملاحظة ذلك من سترة الشخص الأول، ومن قميص وشال الشخص الثاني، وبنطال وشال الشخص الثالث، الذي ارتدى سترة في فيديو المدرعة أخفت قميصه الأبيض في فيديو حساب حمودة، كما أنه في فيديو المدرعة وضع الشال الذي كان يلف به رأسه على كتفيه. (صور 2و 3) ومن المرجح أن الفيديو المتداول يعود لنفس توقيت فيديو حساب حمودة أو توقيت مقارب له، وذلك بسبب تطابق ملابس الأشخاص الثلاثة. ** من هؤلاء الأشخاص؟ وكيف استحوذوا على مدرعات ومعدات عسكرية؟ = في فيديوهات اليوميات التي يصورها وينشرها حمودة، يظهر شعاران على كل المركبات، الشعار الأول والأكثر انتشارًا هو شعار "أبناء مجاهدي سيناء". (صور 4 و5) وأوضح أحد مشايخ القبائل في سيناء، وهو على إطلاع على ملف المتعاونين مع القوات المسلحة -نتحفظ على ذكر اسمه- إن مجموعة "أبناء مجاهدي سيناء" من أبناء عشيرة النقيزات، وهي إحدى عشائر قبيلة الترابين، وهو رفضوا في البداية الانضمام إلى مجموعة "اتحاد قبائل سيناء" بسبب اعتراضهم على شخص إبراهيم العرجاني. لذلك -والحديث لشيخ القبيلة- كون أبناء النقيزات بالتعاون مع بعض أبناء العشائر الأخرى في الترابين والرميلات مجموعة مسلحة تعمل مع قوات الجيش تحت اسم "أبناء مجاهدي سيناء"، نسبة إلى آبائهم الذين تعاونوا مع الجيش المصري خلال الحرب ضد إسرائيل في الستينات والسبعينات. وأشار الشيخ إن تلك المجموعة يديرها مكتب 55 في المخابرات الحربية والمعروف بـ"مكتب شئون القبائل في الحربية". = وهو ما يؤكده، ظهور شعار آخر على المركبات الظاهرة في فيديوهات حمودة، وهو شعار جهاز "شؤون القبائل" التابعة للمخابرات الحربية، كما يظهر في الفيديوهات مرافقة سيارات "شؤون القبائل" لـ"أبناء مجاهدي سيناء". (صورة 6) كما كُتب في تعريف الصفحة التي عثرنا عليها تحت اسم "أبناء مجاهدي سيناء" على فيسبوك: "تشكيل تابع لجهاز الخدمة السرية وشؤون القبائل". فضلًا عن منشورات لسالم أبو انقيز، وابن الشيخ غيث أبو انقيز، والذي كان أحد المجاهدين المتعاونين مع القوات المسلحة خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، ويربط في تلك المنشورات مباشرة بين أبناء مجاهدي سيناء وبين جهاز شؤون القبائل.