مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
انتشرت العديد من الادعاءات حول انتشار قوات أمريكية جديدة في كل من العراق وسوريا، وتضمنت فيديوهات وصور تحقق "صحيح العراق" من صحتها، وتبين أنها مضللة.
لكن أيضًا تضمنت ادعاءات بأنّ الانتشار الأمريكي "غزو جديد" للعراق بزيادة أعداد القوات الأمريكية المتواجدة في البلاد. وهوجمت الحكومة العراقية من قبل سياسيي فصائل مسلحة على رأسها كتلة صادقون التابعة لعصـ.ـائـ.ـب أهل الـ.ـحـ.ـق، حيث اتهموا الحكومة بالتورط في هذه التحركات العسكرية بعد زيارة وفد عسكري عراقي إلى واشنطن مؤخرًا.
ما صحة هذه الادعاءات وهل أعلنت القوات الأمريكية فعلًا عن عملية عسكرية جديدة أو انتشار جديد في المنطقة؟ وما علاقة الحكومة بهذا الانتشار العسكري الأمريكي؟
البداية من منتصف تموز يوليو الماضي
في 15 تموز الماضي، أقيم في معسكر فورت دروم الأمريكي بولاية نيويورك، حفل لتوديع 2500 جندي أمريكي من الفرقة الجبلية العاشرة، متوجهين إلى العراق وسوريا.
ونقلت شبكة 7news الأميركية [1] عن قائد الفرقة الجنرال مات برامان قوله بأن الجنود سيقضون 9 أشهر في العراق وسوريا ضمن عملية "العزم الصلب".
و"العزم الصلب" هو اسم العملية التي بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ 2014 ضد تنظيم داعش. [1+]
وبحسب تقرير شبكة 7news، نقلًا عن قائد الفرقة الجبلية العاشرة، ستحل القوات الأمريكية القادمة محل المتواجدة حاليًا، حيث سيتم توزيعها ضمن عملية الانتشار على قواعد التنف السورية وعين الأسد العراقية ومناطق أخرى. [1]
بالتزامن مع إرسال طائرات F-16 إلى الشرق الأوسط
تزامن إرسال القوة الجبلية العاشرة مع تقارير إعلامية أميركية نقلت عن مسؤول كبير في البنتاغون قوله إن "الولايات المتحدة تعزز استخدامها للطائرات المقاتلة حول مضيق هرمز الاستراتيجي لحماية السفن من التهديدات الإيرانية"، مضيفًا أن "الولايات المتحدة تشعر بقلق متزايد إزاء العلاقات المتنامية بين إيران وروسيا وسوريا في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
أوضح المسؤول الأمريكي أن هذا التعزيز الجوي يتمثل في إرسال طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى منطقة الخليج، وذلك كما نقلت عنه صحيفة واشنطن تايمز. [2]
وأشارت الصحيفة في تقريرها المنشور في 14 تموز يوليو الماضي، إلى أن هذه الخطوة تأتي بعد محاولات إيرانية للاستيلاء على ناقلتي نفط في خليج عمان. [2]
وسائل إعلام ربطت بين الحدثين
ربطت وسائل إعلام عراقية وسورية بين حدثي استقدام قوات من القوة الجبلية العاشرة وبين تعزيز سلاح الجو الأمريكي في المنطقة بطائرات F-16. ونُشرت تحليلات تزعم أن إرسال القوة الجبلية العاشرة هدفه قطع إمدادات إيران للفصائل المسلحة الموالية لإيران في كل من العراق وسوريا ولبنان، وكمحاولة أيضًا لتحييد النفوذ الروسي بالمنطقة. [3]
وفد عسكري عراقي في واشنطن واتهامات للحكومة بالتورط
قبل نحو 10 أيام، وتحديدًا في 8 آب أغسطس الجاري أجرى وفد عسكري عراقي برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي، زيارةً إلى واشنطن بدعوة رسمية من البنتاغون.
وبحسب يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، فإن الوفد بدء حوار التعاون الأمني المشترك في البنتاغون، بمشاركة رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي، ورئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، والفريق الأول الركن قيس المحمداوي نائب قائد العمليات المشتركة وعدداً من المستشارين والضباط.[4]
وعقب الاجتماع أصدر الجانبان بيان مشترك أكدا فيه التزامهما المشترك بمواصلة التعاون العسكري الثنائي في جميع المجالات، وخصوصًا مكافحة تنظيم داعش والعمل على منع عودة نشاطه، وتدريب القوات العسكرية العراقية.
وأشار البيان المشترك إلى أن القوات الأمريكية موجودة في العراق بدعوة من الحكومة العراقية فقط لدعم قوات الأمن العراقية في حربها ضد داعش.[5]
لكن البيان لم يشفع للوفد العراقي الذي تعرض لهجوم واتهامات من أذرع إعلامية تابعة لأحزاب سياسية تمتلك فصائل مسلحة، على رأسها كتلة صادقون التابعة لعصـ.ـائـ.ـب أهل الـ.ـحـ.ـق.
على سبيل المثال، أحمد الموسوي النائب عن كتلة صادقون المنضوية تحت الإطار التنسيقي، طالب باستدعاء وزير الدفاع ثابت العباسي في البرلمان لمعرفة الغاية من التحركات الأميركية. وقال "أميركا تحاول التواجد في الحدود العراقية السورية لضرب حزب الله اللبناني وفصائل المقاومة".[6]
أما النائب علي التركي المنسحب من كتلة صادقون، الجناح السياسي لحركة عصـ.ـائـ.ـب أهل الـ.ـحـ.ـق، خاطب وزير الدفاع والوفد العسكري بأن "الحشد الشعبي وقاعدة النخيب خط أحمر"، وقال: "الأمريكان مرفوضين سواء قوات قتالية أو مستشارين".[7]
يُذكر أنه في كانون الثاني يناير 2020 أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية عصـ.ـائـ.ـب أهل الـ.ـحـ.ـق على قوائم الإرهاب. [7+]
وبالفعل حضر وزير الدفاع أمام لجنة الأمن والدفاع النيابية. وأصدرت اللجنة عقب اللقاء بيانًا أفادت فيه بأن "تمت مناقشة العلاقة العراقية الأمريكية في الجانب الأمني وكثير من الملفات الأخرى التي اطلعت عليها اللجنة"، وأضاف البيان: "وزير الدفاع أبلغ اللجنة بأن زيارة الوفد الأمني كانت ناجحة". [8]
بعد ذلك، صرّح وعد القدو، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، والنائب عن الإطار التنسيقي وممثل كوتا الشبك، بأن زيارة وزير الدفاع العراقي لواشنطن كانت على صلة بالانتشار الأمريكي الأخير في المنطقة، إلى جانب أنها كانت للتمهيد لزيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى واشنطن. [9]
ويُشار إلى أنّ عدو القدو هو أحد مؤسسي لواء الشبك الذي عرف بـ"اللواء 30" داخل الحشد الشعبي، وتولى قيادته منذ 2014 وحتى 2020.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد أدرجت وعد القدو على اللائحة السوداء وفرضت عليه عقوبات، في تموز يوليو 2019. [9+]
من جانبها، نفت الحكومة تصريحات القدو، وذلك على لسان حسين علاوي مستشار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي قال: "ليس هناك علاقة بين زيارة الوفد العسكري العراقي إلى واشنطن ولقائه بوزير الدفاع الأمريكي، وبين ما يُتداول عن تحشيد أمريكي على الحدود السورية". [10]
آخر ما صدر عن "العزم الصلب"
اليوم الخميس 17 آب أغسطس 2023، أصدرت قيادة عمليات "العزم الصلب" لمقاتلة داعش في العراق وسوريا، بيانًا [11] قالت فيه إن قوات الفرقة الجبلية العاشرة التي وصلت للمنطقة مؤخرًا، ستحل محل قوات فرقة أوهايو بعد انتهاء المدة المقررة لها.
وأضاف البيان أن ما حدث هو جزء من عمليات روتينية، يتم إجراؤها "بطريقة
مدروسة ومخططة ومنسقة بعناية مع الشركاء" حسب ما جاء في البيان.
وفي حوار صحفي عقد اليوم أيضًا [11+]، قال قائد عملية العزم الصلب في قيادة قوة المهام المشتركة الجنرال الأميركي ماثيو ماكفارلين إن "القوات الأميركية لا تخطط لعملية عسكرية في المنطقة لكنها مستعدة للرد على أي تهديد"، مضيفًا: "وجود قواتنا في العراق غير قتالي".
وأكد الجنرال الأمريكي على ما تضمنه البيان المشترك الصادر عقب زيارة الوفد العسكري العراقي لواشنطن، إذ قال: "نحن متواجدون هنا بناء على دعوة الحكومة العراقية، وغالبًا ما أصف دورنا بالدور غير القتالي لجنودي وجنود التحالف وشركائنا وأي شخص يزورنا".
الفرقة الجبلية العاشرة
هي أحد فرق الجيش الأمريكي "المشاة الخفيفة" ومقرها في فورت دروم بنيويورك. وتتلقى تدريبات متخصصة للقتال في الظروف الجبلية، وقد سبق لها المشاركة في عمليات عسكرية بالعراق وسوريا. وحاليًا تتركز مهامها في تقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية، بحسب الموقع الرسمي للفرقة.[12]