مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية التصديق على الاتفاقية بين العراق والكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله، والتي صوت عليها البرلمان عام 2013؛ أثار ردود أفعال متباينة داخل الأوساط السياسية، بين من اعتبره استعادة لحقوق العراق المائية التي تنازلت عنها حكومة المالكي الثانية، وبين من عبر عن قلقه من مطالبة الكويت بالتعويض من خلال اللجوء إلى القضاء الدولي، كون الاتفاقية جاءت استكمالًا لترسيم الحدود المبني على قرار دولي.
وسط هذه المواقف المتباينة، ما هي الاتفاقية تحديدًا؟ وهل يستدعي إلغاؤها فعلًا تدخلًا أمميًا؟
قرار المحكمة الاتحادية
المحكمة الاتحادية العليا، وفي جلستها المنعقدة، 4 أيلول سبتمبر الحالي، قررت عدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية بين حكومتي العراق والكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله رقم (42) لسنة 2013.
وأصدرت المحكمة قرارها لمخالفة أحكام المادة 6/ رابعًا من الدستور العراقي، التي اشترطت تشريعه بـ"أغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب".[1]
من صاحب الدعوى التي نظرت فيها المحكمة؟
يأتي قرار إلغاء الاتفاقية بعد أن تقدم النائب المستقل عن محافظة ميسان رائد المالكي [2]، ورئيس كتلة حقوق النيابية سعود الساعدي [3]، بدعوتين لدى المحكمة الاتحادية بإلغاء الاتفاقية، إلا أن المحكمة وحدت الدعوتين، وأصدرت قرارًا بإلغاء الاتفاقية لمخالفة أحكام المادة 61/ رابعًا من دستور جمهورية العراق التي نصت على تنظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يُسَّن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب، إلا أن كل نائب ينشر عبر مكتبه الإعلامي بأنه صاحب الدعوى دون أن يشير إلى توحيد الدعوتين.
كيف تم تمرير الاتفاقية؟
في حكومة نوري المالكي الثانية (2010- 2014)، وبالتحديد خلال جلسة مجلس الوزراء الرابعة المنعقدة بتاريخ 29 كانون الثاني يناير 2013، قرر المجلس الموافقة على إصدار وثيقة الإجازة اللاحقة بالتفاوض والتوقيع لوزير النقل على مشروع اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله بين العراق والكويت، وذلك بعد طلب تقدمت به وزارة الخارجية للموافقة على مشروع قانون الاتفاقية ومشروع قانون التصديق عليها. [4]
مجلس النواب يصوت على الاتفاقية
في 8 أيلول سبتمبر 2013، وافق البرلمان العراقي على معاهدة تنظيم الملاحة في قناة خور عبدالله بعد أن كانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي قد وافقت في كانون الأول ديسمبر 2012 على مشروع قانون معاهدة بين حكومة حكومتي العراق والكويت لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله.[5]
على ماذا تنص الاتفاقية؟
أبرز ما جاء في الاتفاقية [6] الموقعة بين العراق والكويت:
- وضع خطة مشتركة وليست عراقية لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله وديمومتها وتنفيذها.
- وضع القواعد والإجراءات المتعلقة بالتلوث الناتجة عن الملاحة البحرية والحد منها وفقا للمعايير والاشتراطات الدولية.
- وضع الأنظمة المتعلقة بالملاحة في خور عبد الله على أساس المساواة في الحقوق وفقًا لأحكام هذه الاتفاقية.
- الموافقة على أعمال الصيانة للممر الملاحي كالتوسعة والتعميق على أساس المساواة في الحقوق ووفقًا لأحكام هذه الاتفاقية.
- الرسوم لا تُستوفى إلا مقابل الخدمات، أما الإيرادات الناشئة عن إرشاد السفن أو أية خدمات أخرى وكذلك الخدمات التي يؤديها أي من الطرفين فتستوفى من قبل الطرف الذي يكون قد قام بإرشاد السفن أو قدم الخدمات المذكورة في الاتفاق.
- الاتفاقية تبقى سارية المفعول لمدة غير محددة ويجوز لكل طرف إنهاؤها بإشعار كتابي من الطرف الآخر لمدة 6 أشهر على أن يتم الانتهاء بموافقة الطرفين، كما يجوز تعديل الاتفاقية باتفاق الطرفين.
- في حالة حصول اشكالية في التطبيق أو تفسير الاتفاقية فإنه يتم اللجوء الى محكمة البحار.
- عدم رفع أي علم آخر على السفن التي تحمل جنسية أحد الطرفين المتعاقدين غير علم جنسيتها خلال مرورها في المياه الإقليمية للطرف الآخر عند استخدامها القناة، أما السفن الأجنبية فملزَمة برفع علم بلدها فقط، على أن لا تنطبق أحكام هذا الاتفاق على السفن الحربية وخفر السواحل لكلا الطرفين، وأن يعمل كل طرف على منع الصيادين من العمل في جزء الآخر للممر الملاحي.
- تحديد الممر الملاحي من نقطة التقاء القناة في خور عبدالله بالحدود الدولية ما بين النقطتين الحدوديتين رقم 156 و157 باتجاه الجنوب إلى النقطة 162 ومن ثم إلى بداية مدخل الخور.
أول تعليق كويتي
وصدر أول تعليق كويتي من النائب عبدالكريم الكندري والذي اعتبر أن إلغاء الاتفاقية ليس له قيمة على المستوى الدولي، قائلًا: "قرارات مجلس الأمن حاسمة بهذا الشأن بالنسبة لحدودنا، لكن ذلك سيؤثر على ما تبقى من حدود غير مرسومة وتحديداً ما يتعلق بالعلامة البحرية 162".
وأضاف الكندري أن "التنصل من الاتفاقية الحدودية التي جاءت نتيجة لقرار مجلس الأمن بعد الغزو يشير لنوايا سيئة من الطرف العراقي يجب أن تواجه بحزم من الحكومة الكويتية ووزارة الخارجية والبرلمان"، مطالبًا بأن "يكون التعامل مع ما يجري حازمًا جدًا، فإلغاء الاتفاقية تطور خطير على مستوى العلاقات الثنائية لأنه يحمل عدم اعتراف بقرارات مجلس الأمن". [7]
أما النائب الكويتي حسن جوهر، فعبر عن استغرابه من عدم صدور بيان رسمي من الحكومة الكويتية أو من وزارة الخارجية لتحديد موقف الدولة بشكل واضح عقب قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق.
وقال جوهر إنه تم توجيه سؤال برلماني لوزير الخارجية الشيخ سالم العبدالله لاستجلاء موقف الوزارة وتوجه الحكومة في المستجدات الطارئة في هذا الموضوع. [8]
خبراء القانون يحذرون
وتعليقًا على قرار المحكمة الذي بموجبه تعتبر الاتفاقية ملغيّة قانونيًا، ولا يمكن الطعن به أو عدم تنفيذه، توقع خبراء قانونيون لجوء الكويت إلى المحاكم الدولية وحتى مجلس الأمن الدولي، من أجل حسم هذه الاتفاقية التي اعتبرت ملغية من طرف واحد هو العراق.
وقال الخبير القانوني سالم حواس الساعدي، إن العراق أصبح الآن غير ملزم بهذه الاتفاقية، ولا يمكن للحكومة العراقية عدم تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا، فهو ملزم لها.[9]
من جهته، أكد الخبير القانوني علي التميمي، أن الكويت، وبعد إلغاء الاتفاقية من قبل العراق، يمكنها اللجوء إلى محكمة البحار لتقديم أدلتها وكذلك يمكن للعراق اللجوء لهذه المحكمة التي سيكون قرارها نافذا على الطرفين.[10]
وهو ما اتفق معه الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، الذي توقع مطالبة الكويت العراق بقرابة 6 مليارات دولار أمريكي من ديونها بالإضافة إلى الفوائد في حال قيام بغداد بإلغاء اتفاقية خور عبدالله المبرمة مع الكويت.[11]
خور عبدالله بين فريقين
خور عبدالله، هو ممر مائي يقع في شمال الخليج العربي بين شبه جزيرة الفاو العراقية وبين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية، مشكلًا خور الزبير الذي يقع فيه ميناء أم قصر العراقي.
ويعد الفريق المدافع عن الاتفاقية بأنها استكمال لترسيم الحدود، بناءً على قرار دولي، إذ تهدف إلى خروج العراق من طائلة البند السابع، وتنظيم الملاحة والمحافظة على البيئة البحرية في خور عبد الله بما يحقق مصلحة كلا البلدين.[12]
إلا أن المعترضين على الاتفاقية، يرون أن الكويت اشتركت فيما ليس لها، كون خور عبدالله، ملكًا للعراق، كما أنها تتعارض مع أحكام الدستور التي تمنع التنازل عن أي جزء من سيادة العراق، بحسب ما جاء في دعوى النائب رائد المالكي أمام المحكمة الاتحادية.[13]