مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
بعد زوال د.ا.عش، وانتهاء الخلافة المزعومة، لا زالت عوائل التنظيم من 50 دولة وأكثر، تسكن مخيم الهول، مع امتناع معظم تلك الدول عن استلامهم.
ويقدم بعض المحللين معلومات غير دقيقة عن أعداد المتواجدين في المخيم، حيث يقول المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي حيدر البرزنجي، في حوار خلال برنامج برنامج "حديث العراق" الذي يعرض على قناة "الأيام"، (د48)، إن "عدد الدواعش في مخيم الهول ما يقارب الـ70 ألف".[*]
لكن الحقيقة، هي أن الرقم غير دقيق، فبحسب آخر إحصائية قدمتها إدارة المخيم، في آذار مارس 2023، فإن عدد المتواجدين في مخيم الهول بلغ 51 ألفاً و500 شخص، بعدما كان يضم نحو 65 ألف شخص.[1]
فماذا تعرف عن مخيم "الهول"، ولماذا يشكل خطرًا عن أمن المنطقة، وما أسباب رفض الدول لاستلام مواطنيها من المخيم، لذا يقدم "صحيح العراق" تقريرًا مفصلًا عن المخيم الكبير.
تأسيس الهول الكبير
يقع المخيم على الأطراف الجنوبية لبلدة الهول السورية الواقعة على بعد 42 كم شرق مدينة الحسكة، ويبعد عن الحدود العراقية قرابة 14كم، ويمتد على مساحة قرابة 1.8 كم مربع.
ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1991 إثر حرب الخليج، حيث تم إنشاء المخيم بطلب من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووفّر حينها ملاذًا آمنًا لما يقارب 10 آلاف لاجئ من العراق، وفي نهاية العام 2003 قامت سوريا بإعادة تفعيل المخيم إبان الغزو الأمريكي على العراق، لإيواء اللاجئين من العراق.
وفي منتصف عام 2013 أغلق تنظيم د.ا.عش، المخيم بعد أن طرد منه قرابة 50 عائلة من النازحين السوريين واللاجئين العراقيين، وذلك بعد سيطرته على ناحية الهول.
منذ منتصف تشرين الثاني نوفمبر 2015، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية (بشكل أساسي حزب الاتحاد الديمقراطي) من السيطرة على ناحية الهول التي تضم 22 قرية ومركزها بلدة الهول، وذلك بدعم من طيران التحالف الدولي.
وفي نيسان أبريل 2016 تمت إعادة تفعيل المخيم وترميمه من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك بسبب الضغط الشديد الذي تعرض له المخيم بسبب موجة النزوح القادمة من محافظتي دير الزور والرقة في سوريا وموجة اللجوء القادمة من قضاء سنجار وزمار وربيعة والموصل في العراق، وذلك إثر المعارك التي وقعت بين تنظيم د.ا.عش والقوات العراقية في تلك المنطقة.
كيف تتوزع العوائل في المخيم؟
يتكون المخيم من ستة قطاعات، وبقي كذلك حتى أيار مايو 2019 عندما عمدت القوة المسيطرة على المنطقة وهي قوات سوريا الديمقراطية إلى توسعته، حيث تم إنشاء قطاعين إضافيين، وأصبح بالتالي مكونًا من 8 قطاعات، كما قامت قوات سوريا الديمقراطية في وقت لاحق من عام 2019 بإضافة مساحة أخرى، يطلق عليها اسم الملحق.
يضمُّ القطاع الواحد ما بين 1300 حتى 1800 عائلة، وتقسم القطاعات على الشكل التالي:
1- قطاعان خاصان بالعوائل المدنية السورية
2- ثلاثة قطاعات خاصة بالعوائل المدنية العراقية
3- قطاع خاص بالعوائل المرتبطة بتنظيم داعش من الجنسية السورية
4- قطاع خاص بالعوائل المرتبطة بتنظيم داعش من الجنسيات الأوروبية
5- قطاع خاص بالعوائل المرتبطة بتنظيم داعش من بقية الجنسيات (باستثناء الأوروبية والسورية
وبحسب الشبكة العربية لحقوق الإنسان، فإن القطاعات المخصصة للعوائل المرتبطة بتنظيم داعش معزولة عن بعضها البعض، كما أنها معزولة عن بقية قطاعات المخيم بواسطة أسوار من الشباك المعدنية وتخضع لحراسة أمنية مشددة.[2]
أرقام من المخيم
يُعد "الهول" من أكبر المخيمات، وبحسب تقرير لمعهد واشنطن، فإن المخيم كان يضم في ذروته خلال عام 2019 أكثر من 70 ألف شخص، أما اليوم فيضم أكثر من 50 ألف فرد، 90 في المائة منهم من النساء والأطفال، بمن فيهم 25 ألف عراقي، و18 ألف سوري، و7800 من رعايا بلدان ثالثة من 57 دولة.
ويشير تقرير المعهد، إلى أن 23 في المائة من جميع السكان هم دون سن الخامسة من عمرهم، في حين أن 42 في المائة، من السكان هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و18 عامًا.
وإلى جانب مخيم الهول توجد مخيمات أصغر حجمًا مثل "مخيم روج"، الذي يبعد حوالي 60 ميلًا عن "مخيم الهول"، وتبلغ مساحته خُمس هذا الأخير، ويضم ما يقرب من 2500 فرد، 2100 منهم هم رعايا بلدان ثالثة.[3]
أوروبا تتجاهل القنبلة الموقوتة
بحسب تقرير لمركز "كارنجي" فإنه لا يستبعد فرضية عودة تنظيم داعش المتطرّف من جديد انطلاقاً من مخيم "الهول" سيما مع تكرار محاولات الجهاديات الهروب والتواصل مع العالم الخارجي بواسطة الهواتف، إضافة إلى تلقيهنّ حوالات مالية من الخارج عبر شركاتٍ تنتشر داخل المخيم.[4]
وهذا ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير أشار فيه إلى أن قوى الأمن الداخلي في مناطق "الإدارة الذاتية" والتي تُعرف بـ"الآسايش" تمكنت من إحباط هروب نحو 200 امرأة من جنسياتٍ مختلفة ومعهن عدد كبير من الأطفال.[5]
إلى جانب التحديات الأمنية، يستمر المجتمع الدولي في تجاهل نداءات "الإدارة الذاتية" و"قسد" اللتين تطالبان الدول التي تنحدر منها الجهاديات بإعادتهن مع أطفالهن، وعلى الرغم من هذه النداءات وتحذير منظمات الإغاثة فقد تم تسليم ألبانيا وألمانيا وروسيا وفرنسا وأوزبكستان وكوسوفو، ودول عربية وأخرى آسيوية، عددًا قليلًا من النساء والأطفال، في حين اكتفت دول أوروبية، باستعادة الأطفال اليتامى فقط.
يقول المركز، إنه تصرّ غالبية هذه الدول على عدم استعادة مواطنيها، على اعتبار أنهم تهديد جديد للأمن الأوروبي، وكذلك لا تستجيب تلك الدول لدعوة "الإدارة الذاتية" إلى إنشاء محاكم لمقاضاة أولئك الجهاديات على الأراضي السورية، حيث لا تحاكمهن السلطات المحلّية، بل تكتفي بمحاسبة حاملي الجنسية السورية قضائياً أو الإفراج عنهم بوساطاتٍ عشائرية من وجهاء المنطقة. وهو ما يبقي مشكلة الجهاديات الأجنبيات المنحدرات من 60 دولة، وأطفالهنّ دون حلّ رغم نقل أعدادٍ منهم إلى مخيم "روج" وبقاء آخرين بمخيم "عين عيسى".[+4]
العراق يسحب مواطنيه من المخيم
وعلى عكس التجاهل الأوروبي، يواصل العراق نقل العوائل التي تحمل الجنسية العراقية، من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في نينوى لإعادة تأهيلهم، قبل أن يتم السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم.
وبحسب مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، فإن "عدد العوائل العراقية التي تمت إعادتها من مخيم الهول السوري بلغ 1924 عائلة بواقع 7556 مواطنًا وتمت إعادة 1200 عائلة إلى مناطق سكناها الأصلية".[6]
وكان التحدي الأبرز لعودة العوائل العراقية إلى مناطقها هو الرفض الاجتماعي، إلا أن المستشار الأعرجي تحدث عن التواصل مع بعض شيوخ العشائر والشخصيات في بعض المدن التي مازالت لديها نظرة متشددة بشأن عودة الأسر من مخيم الهول.[7]
3 فئات في مخيم الهول
بحسب وسيم نصر، الصحافي المتخصص في الحركات الجهادية، فإنه يمكن تقسيم أزمة القاطنين في مخيم الهول إلى ثلاثة أجزاء: الرجال المقاتلون، النساء والأطفال، والأطفال الذين كبروا وبلغوا في مخيمات الاحتجاز.
وفي آذار مارس الماضي، حذر مايكل كوريلا، قائد القيادة الوسطى للجيش الأمريكي (سنتكوم) من خطر مقاتلي التنظيم المحتجزين في العراق وسوريا، معتبرًا أنهم "جيش حقيقي قيد الاعتقال، وفي حال تحريرهم سيشكلون خطرًا كبيرًا.. وأنه ما من حلول عسكرية لقضية هؤلاء".[8]
كيف يتم تفكيك أخطر مخيم بالعالم؟
تقول مديرة مخيم الهول جيهان حنان، في تصريح صحفي في آذار مارس الماضي، إن "تفكيك المخيم يحتاج إلى 5- 6 سنوات وقرارات دولية صارمة ومساعٍ حثيثة لإقناع حكومات الدول التي لديها رعايا بضرورة استعادتهم من أجل تفكيك المخيم بالكامل"، مشيرة إلى أن العدد الكلي للقاطنين فيها اليوم يقدر بنحو 51 ألفًا و500 شخص "بينهم 26 ألف لاجئ عراقي و18 ألف نازح سوري، إلى جانب القسم الخاص بالمواطنات الأجانب، وعدد القاطنين فيه أكثر من 7700 شخص".
وشرحت، قائلة بأن هذا المخيم تحوّل لـ"أخطر مخيم في العالم"؛ كونه يضم عوائل عناصر تنظيم "داعش" جاؤوا إليه بعد معركة الباغوز عام 2019، منوهة إلى أنه "شهد أكثر من 150 جريمة قتل خلال 4 سنوات... العام الماضي فقط حدثت فيه 36 جريمة قتل، عدا عن حالات التعذيب والاعتداء والهروب والتهديد المستمر. لقد بات أخطر مخيم في العالم على الإطلاق".[+1]
[*]
https://youtu.be/P7qdXhZGzFQ?si=WceEzKt60CVdh41M