مجتمع التحقق العربيهو منظمة بحثية غير ربحية معنية بدراسة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة باللغة العربية على الانترنت، وتقديم الحلول الرائدة والمبتكرة لرصدها
nan
يعتبر تصدير نفط إقليم كردستان، من أبرز المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، ففي الوقت الذي تتهم فيه الحكومة الاتحادية الإقليم بعدم الالتزام بالقوانين والامتناع عن تسديد الإيرادات للمركز، تجد حكومة الإقليم أن بغداد أجبرتها على تعاقدات دون الرجوع إليها بسبب امتناع الحكومة الاتحادية عن صرف موازنة الإقليم، وخلال السنوات العشرة الماضية عقد الجانبان العديد من الاتفاقيات التي لم يلتزم بها الطرفان، حتى جاء قرار المحكمة الاتحادية أمس الأول، بإلزام أربيل بتسليم الواردات النفطية ونصف الواردات غير النفطية إلى بغداد، وربط رواتب موظفي الإقليم ببغداد مباشرة.
ووسط الجدل الحاصل، ترد معلومات غير دقيقة، منها ما يقوله الإعلامي أحمد ملا طلال، خلال برنامجه "مع ملا طلال" الذي يعرض على قناة "utv"، (د46): "إقليم كردستان يصدر نفط منذ عام 2005 ومطلوب للحكومة الاتحادية 30 مليار دولار" (الدقيقة 46).[*]
لكن الحقيقة أن التصريح غير دقيق، لأن إقليم كردستان باشر بتصدير النفط في حزيران يونيو عام 2009، لكنه توقف بعد ذلك، وعاد للتصدير من دون موافقة بغداد عام 2014، واليكم القصة الكاملة:
المحكمة الاتحادية تلزم كردستان بالتسليم
في أحدث القرارات الصادرة حول أزمة الرواتب ونفط الإقليم، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا، الأربعاء، قرارًا يلزم مجلس وزراء إقليم كردستان بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى حكومة بغداد، وإيداع رواتب جميع موظفي الجهات الحكومية في المركز والإقليم لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم، وتخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة والسنوات القادمة، وإلزام تقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية.[1]، وبالعودة إلى أزمة تصدير النفط لابد من العودة إلى عام 2009.
بداية تصدير النفط من كردستان
في أيار مايو 2009، قالت حكومة إقليم كردستان، إن "صادرات النفط الخام من حقل طاوكي ستبدأ في الأول من حزيران يونيو 2009، وأضافت في بيان أن "الصادرات ستبدأ بمعدل مبدئي 60 ألف برميل يوميا".[+1]
وبالفعل بدأ في الأول من حزيران يونيو 2009 تدفق النفط في طريقه للتصدير من إقليم كردستان العراق للمرة الأولى، وذلك من حقلي طقطق وطاوكى، وقد افتتح حينها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني والرئيس العراقي جلال الطالباني، صمام النفط خلال احتفال أظهر العمال في حقل طق طق النفطي بمحافظة أربيل وهم يقومون بتشغيل المضخات. وقال بارزاني في حفل فخم أقيم في أربيل، "إنه حدث تاريخي، وخطوة عملاقة".
وبلغت الصادرات الأولية حوالي 40 ألف برميل يوميًا من طق طق و50 ألف برميل يوميًا من حقل طاوكي في دهوك، فيما بلغ الحد الأقصى للإنتاج إلى 250 ألف برميل يوميًا في وقت ما من العام المقبل.[2]
أول توقف
وبعد نحو 90 يومًا توقفت صادرات النفط من كردستان بسبب انهيار الاتفاق مع بغداد، وتصاعد الخلافات، بسبب تعاقدات الإقليم مع شركات أجنبية دون الاتفاق مع بغداد، إضافة إلى مشكلة توزيع الإيرادات حيث تطالب بغداد بتسليمها مباشرة وتوزيعها بالتساوي.[3]
وعاد تصدير النفط من إقليم كردستان خلال عام 2011، لكن سرعان ما توقف منتصف عام 2012 بسبب خلاف بين بغداد وأربيل، حول عدم تسديد الحكومة الاتحادية كلف الاستخراج للشركات الأجنبية، في حين ترى الحكومة الاتحادية أن تصدير النفط من صلاحية المركز وليس الإقليم، الأمر الذي دعا كردستان إلى إيقاف صادراتها النفطية.[4]
اتفاق تاريخي بين أربيل وأنقرة
واستمرت الخلافات النفطية بين بغداد وأربيل، حتى تصاعدت حدتها عام 2014، حينما أقدمت حكومة الإقليم على توقيع اتفاق مدته 50 عامًا مع تركيا لتصدير النفط الكردي إلى الشمال.
وكشف رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن الصفقة خلال خطاب ألقاه أمام برلمان كردستان العراق في أربيل، وتم نقل الدفعة الأولى من النفط الكردي، التي تقدر قيمتها السوقية بـ110 ملايين دولار، عبر تركيا في 23 أيار مايو 2014، وقالت تركيا وحكومة إقليم كردستان إن تدفق النفط من كردستان العراق، إلى الأسواق الدولية سيستمر على الرغم من الجهود القانونية التي تبذلها بغداد لوقفه.[5]
بغداد توقف صرف ميزانية كردستان
وردًا على اتفاق حكومة الإقليم مع تركيا، قررت الحكومة الاتحادية إيقاف صرف ميزانية حكومة إقليم كردستان، ما دعا الأخيرة إلى استمرار تصدير النفط إلى تركيا وعدم تسليم الواردات لبغداد. واتهم نائب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان عماد أحمد المالكي، قرار بغداد بالحكم "الاستبدادي"، وحذر من أن أفعال قد تؤدي إلى تفكك البلاد.[6]
واشترط رئيس الوزراء حينها نوري المالكي، أن تسلم حكومة إقليم كردستان الإيرادات النفطية إلى بغداد، مقابل دفع رواتب موظفي الإقليم.[7]
تحكيم باريس قطع الجدال
واستمرت الأزمة على هذا الحال، حتى صدر قرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس ضد تركيا في آذار مارس 2023، بعد شكوى تقدمت بها وزارة النفط إلى المحكمة بسبب قيام أنقرة بتصدير نفط العراق دون موافقته عبر الأنبوب النفطي العراقي- التركي، في مخالفة لأحكام الاتفاقية الموقعة في العام 1973 بين البلدين، والتي تنص على "وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي في ما يتعلق بحركة النفط الخام المصدّر من العراق الى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".[8]
وألزم الحكم أنقرة بدفع 1.46 مليار دولار (بالإضافة إلى الفائدة) إلى بغداد عن جزء من الفترة الخاضعة للتقييم (2014-2018، مع ترك الفترة 2018-2023 وبعض الفترات السابقة لحكم لاحق).[9]
وبسبب قرار محكمة باريس، توقفت صادرات النفط من إقليم كردستان منذ آذار مارس 2023، وتسعى بغداد وبالاتفاق مع الإقليم للتوصل إلى اتفاق مع أنقرة لاستئناف تصدير النفط، حيث ترفض أنقرة دفع تعويضات تصدير نفط كردستان خلال 2014-2018، والتي ألزمتها المحكمة بدفعها إلى بغداد. [10]
اتفاق عراقي تركي لكن التوقف مستمر
ورغم إعلان الجانبين العراقي والتركي، عن التوصل إلى اتفاق لاستئناف النفط تصدير النفط عبر خط جيهان، إلا أنه لم يستأنف التصدير حتى الآن.[11]
مقدار خسارة العراق جراء التوقف
ويُقدر خبراء خسارة العراق بأكثر من 7 مليارات دولار عن فترة توقف تصدير النفط عبر تركيا للعالم خلال الفترة التي تمتد من 25 آذار مارس العام الماضي حتى الآن.[12]
قيود الموازنة
بموجب قانون الموازنة العامة، ترسل بغداد مستحقات الإقليم، لكن بعد قيام أربيل بتسليم 400 ألف برميل يوميًا، حتى في حال عدم استئناف تصدير النفط، يجب عليها تسليم النفط إلى شركة "سومو" لغرض استخدامه محليًا.
يجب على أربيل أن تلتزم بتسليم الإيرادات المالية النفطية، وأن تقوم وزارة المالية في إقليم كردستان بإرسال تفاصيل الموازنة لبغداد شهريا.
أما أكثر الفقرات تشددًا بالنسبة إلى أربيل هو إلزام كردستان بإيداع جميع الواردات النفطية لدى حساب خاص لوزارة المالية العراقية تابع للبنك المركزي العراقي. [13]
الإقليم لم يسلم الإيرادات
وتقول وزيرة المالية طيف سامي، إن اقليم كردستان لم يسلم أية إيرادات للحكومة الاتحادية خلال 2023، واكتفى فقط بتزويد المصافي الحكومية بـ50 ألف برميل نفط يوميًا"، الأمر الذي تعتبره بغداد عدم التزام بقانون الموازنة، والذي ألزم الإقليم بتسليم 400 ألف برميل يوميًا، فضلًا عن نصف الإيرادات غير النفطية للمنافذ الحدودية، وهو ما لم يتم حتى الآن.[14]
المحكمة الاتحادية تلزم كردستان بالتسليم
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، الأربعاء، قرارًا يلزم مجلس وزراء إقليم كردستان بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى حكومة بغداد، وإيداع رواتب جميع موظفي الجهات الحكومية في المركز والإقليم لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم وتخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة والسنوات القادمة، وإلزام تقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية.[15]
[*]
https://www.youtube.com/live/l-4ULGlcENM?si=tJ5kOWpM022Kp0EB